محلية سياسية

تقرير تحليلي – بيت السودان بالقاهرة

القاهرة : إسلام أمين

نظّمت القوات المشتركة السودانية بيت السودان بالقاهرة ندوة سياسية كبرى مساء أمس تناولت تطورات الأوضاع في دارفور وكردفان وتداعيات الحرب في السودان، وسط حضور جماهيري واسع وتفاعل كبير من أبناء الجالية السودانية المقيمين في مصر. اتفق المشاركون على أن الحرب الدائرة ليست مجرد صراع داخلي، بل مؤامرة دولية تستهدف وحدة السودان وسيادته الوطنية، مؤكدين أن القوات المسلحة السودانية والقوات المشتركة تظل الضامن الحقيقي لوحدة التراب الوطني واستقرار الدولة.

السياق العام للندوة

جاءت الندوة في ظرف سياسي معقد تخوض فيه الحكومة السودانية معركة دبلوماسية شرسة لتثبيت مسؤولية قوات الدعم السريع ودولة الإمارات عن العدوان على الشعب السوداني، لاسيما بعد سقوط مدينة الفاشر، عاصمة شمال دارفور، وما رافقه من انتهاكات إنسانية وجرائم ممنهجة ضد المدنيين. وأكد المتحدثون أن ما يجري على الأرض يتجاوز حدود النزاع العسكري ليكشف عن مخطط دولي لإضعاف مؤسسات الدولة وتفكيك نسيجها الاجتماعي.

مداخلات المتحدثين

استهل الفريق إبراهيم الماظ، مستشار رئيس حركة العدل والمساواة، حديثه بالتأكيد على أن سقوط الفاشر كان نتيجة “تآمر دولي مكتمل الأركان”، مشيرًا إلى أن قطع الاتصالات عن الفرقة السادسة مشاة جاء في إطار خطة معدة مسبقًا لعزل المدينة. وانتقد ما وصفه بـ“الجرائم المروعة” التي ارتكبتها المليشيا المتمردة ضد النساء والمرضى في المستشفيات. كما أشاد بصمود الجيش السوداني في مواجهة العدوان، داعيًا إلى كشف المتعاونين مع المليشيا وتسليح المستنفرين لدعم الجهد العسكري.

من جانبه، شدد المهندس أبوبكر حامد نور، أمين إقليم دارفور بحركة العدل والمساواة، على أن الحركة “لن تقبل بالرباعية ولا بالهدنة”، معتبرًا أن أي حديث عن وقف إطلاق النار يصب في مصلحة التمرد. ودعا إلى توحيد الصف الوطني وتغليب المصلحة العامة، مطالبًا السفارة السودانية بالقاهرة بإعادة هيكلة سياساتها لتكون نموذجًا فاعلًا في خدمة الجالية ودعم الموقف الوطني الرسمي.

أما القيادي بالقوات المشتركة حسين أركو مناوي، فأكد أن ما يجري في السودان هو “مؤامرة دولية كبرى تُدار من قوى لها مصالح اقتصادية وجيوسياسية”، مشيرًا إلى أن المجتمع الدولي يخشى وحدة السودانيين أكثر مما يخشى قوتهم العسكرية. وقال: “المجد للبندقية التي تدافع عن الوطن والمجد لوحدة الجبهة الداخلية، فهي السلاح الذي يرعب خصوم السودان.”

تفاعل الحضور

شهدت الندوة حضورًا جماهيريًا كبيرًا، حيث تفاعل المشاركون مع قرارات مجلس الأمن والدفاع السوداني الأخيرة التي أكدت استمرار العمليات العسكرية حتى تحرير كامل التراب السوداني ودحر المليشيا المتمردة. وسادت القاعة أجواء وطنية حماسية عبّرت عن التفاف السودانيين حول جيشهم ورفضهم لأي محاولات لإيقاف الحرب قبل استعادة السيادة الكاملة.

خلاصة المناقشات والتوصيات

في ختام الندوة، صدرت مجموعة من التوصيات والمخرجات التي عكست إجماع المشاركين على وحدة الهدف والمصير الوطني، وتمثلت فيما يلي:

1. توحيد الصف الوطني والجبهة الداخلية: اعتُبر هذا المبدأ حجر الزاوية في مواجهة التآمر الدولي، مع التأكيد على تجاوز الخلافات السياسية والمناطقية وتغليب روح الانتماء الوطني.

2. دعم القوات المسلحة والقوات النظامية: دعا المشاركون إلى دعم الجيش السوداني في معركته المصيرية ماديًا ومعنويًا، ورفض أي ضغوط دولية تهدف إلى فرض هدنة أو تسوية قسرية.

3. رفض التدخلات الأجنبية: أُعلن الرفض التام للرباعية الدولية ولأي محاولات خارجية لفرض حلول سياسية مشوهة، مع تحميل الدول الداعمة للتمرد مسؤولية تفاقم الصراع.

4. تعزيز الأداء الدبلوماسي: أوصت الندوة بإعادة هيكلة البعثات الدبلوماسية السودانية في الخارج لتكون أكثر فاعلية في الدفاع عن الموقف الوطني وتعرية جرائم المليشيا.

5. تعبئة وطنية شاملة: تمت الدعوة إلى تسليح المستنفرين وتنظيم جهود الدفاع الشعبي وفق ضوابط القيادة العامة، مع تشجيع كل السودانيين على المساهمة في حماية الوطن.

6. توثيق الانتهاكات: شدد المشاركون على ضرورة إنشاء لجان قانونية لتوثيق جرائم القتل والاغتصاب والنزوح القسري، وتقديمها إلى المؤسسات الدولية المختصة.

7. دعم الإعلام الوطني: تمت الإشادة بدور الصحفيين الوطنيين في نقل الحقائق التي قدمت تغطية مهنية شاملة ومتوازنة للندوة، مؤكدين أهمية استمرار الإعلام الوطني في فضح المؤامرة الدولية وكشف الحقائق للرأي العام.

8. التمسك بالسيادة الوطنية: تم التأكيد على أن الصراع الراهن هو معركة بقاء لا مساومة فيها، وأن حماية السودان تتطلب تلاحم الشعب والجيش في معركة الدفاع عن الهوية والسيادة.

 

خاتمة:

خلصت الندوة إلى أن السودان يقف على أعتاب مرحلة تاريخية فارقة، حيث تتقاطع المعارك الميدانية مع معارك الدبلوماسية الدولية، وأن الانتصار الحقيقي لن يتحقق إلا بوحدة الصف الوطني وتماسك مؤسسات الدولة. وبحسب ما أجمع عليه المتحدثون، فإن الشعب السوداني يمتلك من الوعي والإرادة ما يجعله قادرًا على إفشال المخططات الخارجية واستعادة أمنه واستقراره، لتبقى الرسالة الجامعة للندوة:

> “لا حوار مع المليشيا، ولا تراجع عن سيادة الوطن حتى يتحقق النصر الكامل.”

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى