غازى حسين يكتب .. “إيلا” .. لولاك لما كانت بورتسودان العاصمة الإدارية

ضي المسارب
غازى حسين محمد على
إيلا .. لولاك لما كانت بورتسودان العاصمة الإدارية
لا يعرف قدر الرجال الا الرجال و لا تُعرف عظمة الأوفياء الا بعد رحيلهم .
فى مشهد مهيب ودعت بورتسودان الدكتور محمد طاهر إيلا إلى مثواه الأخير ، حباً و وفاءاً لما قدمه لمدينة بورتسودان و لإنسان الشرق قاطبة . إيلا تعامل مع أهله فى الشرق من أجل التعليم التطور و الانتقال لحياة أفضل يغيرها عطاء أبناء الشرق .
إيلا لم يكن انساناً عادياً . إيلا ولد فى رحم تلال البحر الأحمر وسط الجبال ترعرع و نشأ فيها ، تعلم منها العلو و الشموخ و القوة . إيلا كان نموذج لإنسان الشرق ، درس جميع مراحله التعليمية بين أهله ، إلى أن وصل بفخر بين شباب قبيلته للدراسة الجامعية و نال فيها الدراسات العليا فأصبح الدكتور محمد طاهر إيلا .
و هذا التميز جعله يتبوأ أعلى المناصب القيادية و التنفيذية و الدستورية .
أيلا عندما كان والياً لولاية البحر الأحمر إرتقى بالولاية و بإنسان الشرق ،وخاصة أهلنا الهدندوة ، و ذهب اكثر من ذلك بل جعل التعليم مقابل الغذاء ، كانت غايته أن يكون إنسان الشرق فى مقدمة اهل السودان بالنباهة و العبقرية .
عندما تولى محمد طاهر إيلا ولاية البحر الأحمر جعل عاصمتها ثغر السودان نموذجاً للمدن الحديثة فى السودان ، من حيث العمران و النظافة ،
فأصبحت قبلة للاستثمارات الأجنبية وواجهة سياحة لما تتمتع به هذه الولاية ، ويميزها البحر الأحمر الذى يكنز فى عمقه الجمال وسحر البحار , و قل ما يوجد فى بحار العالم مايميز البحر الاحمر .
حقيقة تغير شكل مدينة بورتسودان فى عهد .
إيلا ، وعندما إنتقل ايضاً واليا لولاية الجزيرة ، عرفته ولاية الجزيرة بانجازاته .
وإن كانت قد إمتدت فترة ولاية إيلا (رحمه الله ) و استمر فى ولاية الجزيرة أكثر لكان طريق الموت بمسارين من مدنى إلى الخرطوم ( طريق الحياة و الإنجاز ) . للأسف ذهب إيلا و وقف الطريق على بضع كيلو مترات من مدنى ، تقريبا في فداسي .
إيلا لم يكن إنساناً عادياً ، كان يمضي واثقا لا يلتفت إلى أحاديث المغرضين ،
إيلا استفاد من تعليمه و تنقله و تعدد خبراته و بمعايشته شعوب أُخرى و كحّل عيونه بجمال المدن . وهذه عبقرية الإنسان المتطلع المحب لبلده .
رحل إيلا مخلفاً وراءه شعار الوفاء للبلد ، . أنجز دون توقف و سيأتي اليوم الذى يشهد له . اصنع قرارك بقوة و حكمة ، يهابك الشجعان .
لكن أمر الله نافذ لا يؤخر و لا يؤجل و كل شئ بقضاء و قدر . الموت غاية كل حي . اللهم ارحم عبدك محمد طاهر إيلا بقدر ما أعطى و أوفى وسعي من أجل شعبه و وطنه ، اللهم تجاوز عن سيئاته و زد فى حسناته .
كسرة ..
عندما كنا ندرس فى مدرسة بورتسودان الثانوية الفنية فى حى دار السلام ،. كانت المواصلات تمر بحى الجناين ثم ديم جابر مروراً بديم سواكن و ديم شاطئ خور كلاب إلى أن تصل السوق الكبير . بعد فترة من الزمن قمت بزيارة عمل لمدينة بورتسودان و بعد أن انهيت مهمة العمل طلبت من الأخ السائق أن يوصلني دار السلام لزيارة هذه المدرسة الجميلة العريقة التى نسجت لنا رباط من الإلفة و المحبة لكل قبائل السودان ، فى هذه المدرسة . فاوصلنى السائق المدرسة بطريق مختصر ، و شوارع أراها لأول مرة ، و فجأة كنا أمام المدرسة و بإستغراب سألته : يا زول ده شنو انت جيت بوين قال لى ( ده إيلا ياخ ) .
كسرة تانية قبل النشر ..
كنت أجالس احد أهلنا الهندندوة ( ادروب ) . فجاءت سيرة محمد طاهر إيلا ، قال لى : زمان كنا بنقعد فى الواطا على التراب هسع بقينا نقعد على البلاط ، محمد طاهر إيلا نضفنا و ما يحب الوسخ . الله يرحمه . إيلا ده عمل لينا كتير .



