مقالات الرأي

بدرالدين عبدالقادر يكتب .. نفحات مولد الهدى

عبق الحروف
بقلم : بدرالدين عبدالقادر

ها هي عجلة الزمان تدور و أنفاس الزمان تحمل إلينا ذكرى مولد خير الأنام، الرجل الذي بدد الله به ظلمات الجاهلية، وأحيا به قلوبًا أرهقها التيه والضلال ، وأعاد للإنسانية رشدها وكرامتها. جاء محمد ﷺ فكان مولده فجرًا مشرقًا، ونورًا يغمر الأرض، ورحمة تسري في عروق الحياة.

ماكان مولده الشريف حدثًا كسائر الأحداث، بل كان وعدًا إلهيًا بالخلاص، وبداية عهد جديد تنهدم فيه أوثان الباطل، وتُرفع فيه راية الحق، وتنهض فيه الأمة على هدي الوحي وسكينة الإيمان. إنه مولد رجلٍ أرسله الله رحمة للعالمين، ليكون سراجًا منيرًا، وهادياً إلى سواء السبيل.

غير أنّ حب النبي الكريم ﷺ لا يُقاس بكثرة الاحتفالات ولا بضجيج الشعارات، بل بما نحمله في القلوب من صدق الاتباع، وما نجسده في حياتنا من التزام بسنته. فقد كان ـ بأبي هو وأمي ـ قرآنًا يمشي على الأرض، يترجم الوحي سلوكًا، ويجسد الرسالة واقعًا. وقد شهد له الخالق سبحانه شهادة خالدة تتلى على مر الأزمان : ﴿وَإِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ﴾. ورغم مقامه الرفيع، كان مدرسةً للتواضع، يشارك الناس آلامهم، ويجالس الفقراء، ويخدم نفسه بنفسه، حتى غدا أعظم قائد عرفته البشرية وأرحم قلب حملته الأرض.

فما أحوج قلوبنا اليوم، في زمنٍ تكاثرت فيه الظلمات وتنازعت فيه الأهواء والشهوات، أن تعود إلى ذلك النور الوهاج. وما أحوج ضمائرنا أن تستيقظ على هدي من قال الله فيه: ﴿قَدْ جَاءَكُمْ مِنَ اللَّهِ نُورٌ وَكِتَابٌ مُبِينٌ﴾. إن ذكرى مولده ليست يومًا عابرًا في التقويم، بل هي دعوة دائمة لإحياء الإيمان في النفوس، واستلهام الرحمة في التعامل، واستعادة القدوة في السلوك.

سلامٌ على الهادي يوم وُلد، ويوم بعث، ويوم يُبعث حيًا. وسلامٌ على الأمة إن هي سارت على نهجه، فهناك وحده يكمن معنى الاحتفال الحقيقي بمولده: في أن نكون أمةً على خُلُق، كما كان نبيها على خلق عظيم.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى