سعد عبدالله يكتب .. نظرة على إجتماع مجلس الأمن الدولي وتحولات المواقف الدولية تجاه السودان

كتب : سعد محمد عبدالله
لقد شهد الساحات السياسية والعسكرية تحولات كبيرة خلال الفترة الماضية، إلا أن التحول الأكثر سطوعًا علي الفضاء العام ما جاء في مجلس الأمن الدولي خلال جلسة ساخنة إنعقدت وسط تباين وتعدد الأراء والمواقف حول ما يجري في السودان، والنظرة الدولية لتداعيات المؤامرة الكينية الموجهة نحو شرعنة تقسيم السودان عبر صناعة حكومة موازية لا أساس ولا تأثير لها علي أرض الواقع إلا ضجيج دعاتها في الإعلام الإسفيري؛ وليس هذا تقليلاً من خطورة الأمر بل هو عكس لواقع مكشوف لن نقبله ولن يقبله أيّ عاقل؛ فكان خطاب السفير الحارث إدريس في جلسة مجلس الأمن الدولي صريحًا وقويًا في تناول الروئ تجاه رفض التدخلات الخارجية في شؤون السودان، وقد حذر من التسامح مع إنتهاك ميثاق الأمم المتحدة والصمت علي العبث الممنهج بوحدة وسيادة البلاد، وقد شاطره في ذلك أصدقاء السودان الذين ينظرون إلي المستقبل بعين الحقيقة.
مندوب الصين لدى مجلس الأمن الدولي، تحدث بوضوح عن ان “إعلان جهات مسلحة في السودان عن رغبتها في تشكيل حكومة موازية قد يهدد بتقسيم السودان، وأكد أن بلاده ستدعم سيادة السودان ووحدته وسلامة أراضيه”، وكذلك مندوب روسيا لدى مجلس الأمن الدولي، قال في كلمته التاريخية “نحن على قناعة بأنّ أقصر الطرق لحل الأزمة الإنسانية تتمثل في التعاون مع الحكومة المركزية في السودان والأجهزة التابعة لها”، وتظل الحكومة في السودان تعمل بمؤسساتها القانونية التي تجد الدعم الشعبي والسياسي علي جميع الأصعدة، والأقنعة التي يلبسها البعض من أجل تسويق الأوهام السياسية كشفتها حقائق واقعية للدولة السودانية بتاريخها وإرثها في الحرية والكرامة، وتلك القييم الراسخة يعرفها كل ذي بصر وبصيرة.
هنالك مواقف آخرى واضحة وصريحة في دعم الحكومة السودانية ورفض التدخل في الشؤون الداخلية أو الإعتراف بحكومة موازية، ونقرأ هذه المواقف من صحائف جمهورية مصر والمملكة السعودية وقطر والكويت والجزائر وجامعة الدول العربية؛ إضافةً إلي تصريحات السيد رمطان لعمامرة بشأن خارطة الطريق الحكومية المطروحة وتنفيذ إتفاقية جدة، ويعكس ذلك التوجه تحولاً في فهم قضية السودان وحساسية التعامل معها في ظِل التوترات الأمنية المتصاعدة علي مستوى الإقليم من حولنا، وهنا أجمعت الكثير من الدول علي التعامل مع السلطات القائمة في السودان بعيدًا عن تصورات التقسيم وفرض أجندة الخارج التي لا تحل المشكلة إنما تعمقها في حال لم ينتبه العالم لخطورة ذلك التوجه.
نلاحظ تأرجح في مواقف بعض الدول التي تقف في منتصف هذه الساحة الملتهبة بلا يقين يمكنها من إتخاذ مواقف صريحة تجاه القضايا الإنسانية أو السياسية المبنية علي رؤية تعتمد حقائق الصراع السياسي والأمني الجاري في السودان، وهنا ينبغي مواصلة العمل الدبلوماسي بوتيرة أنشط وأسرع بغية شرح خلفيات الصراع وفرص التعاون المستقبلي وتشجيع تلك الدول في خروجها من دائر الأولويات المنخفضة إلي التعاطي مع الوضع بحساسية أكبر وطبقا لمشروع إستراتيجي واضح المعالم، ومن الواضح أن قوة خطاب السودان والدول الصديقة علي منضدة الأمم المتحدة قد أثر علي روئ الكثيرين حول المسألة السودانية بشكل جيد ودفع من كانوا يلتزمون الصمت بالتحرك خطوة نحو الإعتراف بخطورة المؤامرة الإستعمارية التي تهدف إلي تقسيم السودان وتدميره.
من المهم جدًا أن تعمل الحكومات والهيئات الإقليمية والدولية وفقا لخطة إستراتيجية محكمة يتم بلورتها من المواقف الأخيرة التي تتحدث بوضوح عن ضرورة الحفاظ علي الإستقرار والسلم المحلي والإقليمي، ولا يتحقق ذلك إلا عبر “تصويب السهم علي الفيل وليس ظله” بادانة ممولي الإرهاب والإستعمار ودعم الحكومة السودانية في مساعيها السياسية والعسكرية الرامية إلي تثبيت أعمدة أجهزة الدولة وتشغيلها وحفظ سيادتها القانونية وإيقاف الحملة الإستعمارية المستعرة والمستمرة لتفكيك الدولة وإشاعة الفوضى، لذلك يجب تضافر كافة الجهود لإنهاء التمرد ومحاربة الإرهاب والجرائم المنظمة والعابرة للحدود وحماية حقوق الإنسان أمام حملات القتل والتشريد التي تنفذها مليشيا الدعم السريع الإرهابية أينما حلت، وهذه من مسؤوليات حكومة السودان التي يتوجب علي العالم الوقوف إلي جانبها ودعمها بقوة لتحقق الأهداف المرجوة.