مقالات الرأي

سامي أمبابي يكتب.. محمد علي عبد المجيد.. صوت الحق وسيف الميدان

محمد علي عبد المجيد.. صوت الحق وسيف الميدان

بقلم: سامي إمبابي

عرفت محمد علي عبد المجيد أخًا وصديقًا في غربتنا بالمملكة العربية السعودية، حيث جمعتنا مدينة الطائف. كان رجلًا طيب القلب، حسن المعشر، محبًا للناس، دائم الابتسام. بعد يوم العمل، كنا نلتقي لنتبادل الأحاديث، ويطربنا بإبداعاته الشعرية، التي كانت دائمًا تعكس روحه الوطنية الصادقة.

عدنا إلى الوطن، وكان حب الهلال أحد الروابط التي جمعتنا، فأسسنا معًا رابطة لتشجيع الفريق. لكن محمد علي لم يكن مجرد مشجع لكرة القدم، بل كان صاحب رسالة، وهب حياته لخدمة وطنه، فالتحق بالجيش، وأصبح صوته منبرًا للدفاع عن القوات المسلحة في وقت تكالبت فيه أصوات التخوين. كانت كلماته قوية، واضحة، صادقة، تدافع عن الجيش وتحمل لواء الحق.

ومع اندلاع الحرب، كان في مقدمة المقاتلين في سلاح المهندسين، لم يتراجع، بل كان ثابتًا، مقدامًا، يقف حتى تحررت أم درمان من التمرد. لكنه لم يكتفِ بذلك، بل ظل يتقدم إلى الخطوط الأمامية، يبث الحماسة في نفوس الجنود، ويرفع معنوياتهم بكلماته قبل أن يفعل بسلاحه.

تعرض للموت مرات عديدة، لكنه ظل صامدًا. كان الثمن غاليًا، فقد أصيب ابنه علي، حين رافقه إلى الخطوط الأمامية بعد تحرير أم درمان، برصاص قناص غادر، وما زال يتلقى العلاج حتى اليوم. لم يوقفه ذلك عن أداء واجبه، فقد كان يجوب السودان، من شندي إلى عطبرة، ومن بورتسودان إلى مدني، ومن كل مدينة تحررت، كان يقف إلى جانب المستنفرين، يعينهم بكلماته وإرادته الصلبة.

كان آخر لقاء بيننا في بورتسودان قبل شهرين، تحدثنا طويلًا، وكأنها كانت لحظات وداع. واليوم، رحل محمد علي عبد المجيد، لكن صوته لم يرحل، وكلماته لا تزال تسكن الميادين، تلهم الأبطال وتروي حكايات الصمود.

رحمك الله يا صديقي وأخي، فقد كنت طيبًا حيًا وميتًا، وستبقى ذكراك محفورة في قلوب الأوفياء. إنا لله وإنا إليه راجعون.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى