مقالات الرأي

سامي أمبابي يكتب..صندوق الإسكان والتعمير.. بداية جديدة ومسؤولية أكبر

صندوق الإسكان والتعمير: بداية جديدة ومسؤولية أكبر
بقلم: سامي إمبابي

في خطوة جديدة تعكس التوجه نحو إعادة بناء ما دمرته الحرب، أعلن والي الخرطوم، أحمد عثمان حمزة، عن عودة صندوق الإسكان والتعمير لمزاولة نشاطه مجددًا. يشمل ذلك العمل على إكمال المشروعات القائمة لتشييد المنازل الجاهزة بالتقسيط، في إطار خطط الولاية لتوفير السكن المناسب للشرائح الضعيفة. ومع ذلك، فإن نجاح هذه الخطوة يتطلب الوقوف على الأخطاء السابقة، ودراسة أسباب القصور التي حالت دون تحقيق الأهداف الأساسية للصندوق.

إخفاقات الماضي

تأسس صندوق الإسكان والتعمير ليكون مظلة تحقق حلم السكن لمحدودي الدخل، إلا أن الواقع خالف هذه الأهداف في فترات سابقة. انحرف الصندوق عن غايته الأساسية، حيث تحولت المنازل الاقتصادية إلى مشروعات ربحية بأسعار مرتفعة، لا تتناسب مع قدرة الشرائح الضعيفة.

ورغم الآمال التي عقدت على الصندوق، ظل العديد من المتقدمين ينتظرون لسنوات طويلة دون الحصول على استحقاقاتهم، مما زاد من فقدان الثقة في قدرته على تلبية تطلعاتهم. في ظل هذا الإخفاق، استفادت قلة قليلة فقط، بينما كانت الأغلبية تكافح في مواجهة ظروف معيشية صعبة.

عودة مشروطة

إن استئناف عمل الصندوق بعد الحرب يضعه أمام مسؤولية مضاعفة تجاه الشرائح الأكثر ضعفًا، التي ازدادت معاناتها بفقدان المنازل ومصادر الرزق. لذلك، فإن أي خطوة جديدة يجب أن تبدأ بمراجعة شاملة لسجلات المتقدمين القدامى، وضمان استحقاقاتهم قبل البدء في استقبال طلبات جديدة.

كما يجب أن تُعاد هيكلة سياسات الصندوق المالية، بحيث تكون أسعار المنازل مقبولة وتتناسب مع إمكانيات محدودي الدخل. وينبغي وضع آليات رقابية صارمة لمتابعة تنفيذ المشروعات، وضمان عدم تكرار الأخطاء السابقة.

فكرة مشروع “أجاويد” للسكن التكافلي

من النماذج الناجحة التي يمكن أن تكون مصدر إلهام لصندوق الإسكان، مشروع “أجاويد” للسكن التكافلي، الذي أُطلق في الوادي الأخضر، قرية العامراب. بادرت بتنفيذه شركة “أجاويد الهندسية” بالتعاون مع “مكملين العقارية”، ولاقى المشروع قبولًا كبيرًا بين محدودي الدخل.

تميز المشروع بمنح الأراضي للمستحقين بأسعار معقولة، مع فكرة تمويل البناء عبر البنوك بأقساط ميسرة. ورغم توقف المشروع بسبب الحرب، فإنه يمثل نموذجًا عمليًا يمكن أن يتبناه الصندوق في خططه المستقبلية، خاصة وأنه يتماشى مع هدف توفير السكن الكريم بتكاليف معقولة.

الأمل في المستقبل

في ظل الظروف الحالية، يحتاج الصندوق إلى تبني سياسات تقوم على الشفافية، العدالة، والتخطيط الجيد. إعادة بناء الثقة مع المواطنين تتطلب منه أن يضع مصلحة الشرائح الضعيفة في مقدمة أولوياته، مع الاستفادة من التجارب الناجحة مثل مشروع “أجاويد”، الذي أثبت أن تحقيق التكافل الاجتماعي في الإسكان ليس مستحيلًا.

عودة الصندوق للعمل تُعد فرصة جديدة لإعادة الأمل للمتضررين، ولكن نجاحها مرهون بقدرة الصندوق على تجاوز أخطاء الماضي، والعمل بجدية لتحقيق الأهداف التي تأسس من أجلها: توفير السكن الكريم لمحدودي الدخل، خاصة في ظل الظروف الصعبة التي تمر بها الخرطوم.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى