مقالات الرأي

سامي أمبابي يكتب .. عبد الرحمن الصادق المهدي، أدواره في الماضي والمستقبل في بناء السودان ووحدته

بقلم: سامي أمبابي

عبد الرحمن الصادق المهدي، ابن الإمام الصادق المهدي، ينتمي إلى عائلة لها مكانة تاريخية وسياسية عميقة في السودان. لعب عبد الرحمن أدوارًا محورية في مراحل مختلفة من تاريخ البلاد، حيث مزج بين إرث الأسرة المهديّة والتحديات المعاصرة. وبينما تُلقي عليه تطورات السودان اليوم أعباء جديدة، يبقى السؤال: ما هي أدواره المستقبلية في بناء السودان ووحدته؟

أدواره في الماضي

دوره في خروج الإمام الصادق المهدي من السودان

عقب انقلاب الإنقاذ في يونيو 1989، دخل السودان في حقبة من القمع السياسي والاستبداد. كان الإمام الصادق المهدي، رئيس الوزراء الشرعي وقتها، من بين أبرز المستهدفين من النظام الجديد. لعب عبد الرحمن الصادق دورًا أساسيًا في تأمين خروج والده من السودان، مستعينًا بشبكة من الأنصار وأفراد الأسرة، مما مكّن الإمام من متابعة نشاطه السياسي في الخارج.
هذا الدور يعكس شجاعة وذكاء عبد الرحمن، فقد أسهم خروج الصادق المهدي في استمرار المعارضة ضد النظام، وساعد في فضح انتهاكاته على الساحة الدولية.

دوره خلال فترة الإنقاذ

مع مرور الوقت، اختار عبد الرحمن نهجًا مثيرًا للجدل بالانخراط في نظام الإنقاذ، حيث تم تعيينه مساعدًا للرئيس عمر البشير.

المؤيدون لخطوته: اعتبروا أن وجوده في النظام فرصة لإحداث تغيير من الداخل أو التخفيف من وطأة قرارات النظام الجائرة.

المنتقدون: رأوا في ذلك تنازلاً عن مبادئ حزب الأمة المعارض، وخطوة بعيدة عن مواقف والده الصارمة ضد الإنقاذ.

ورغم هذه الخلافات، حافظ عبد الرحمن على مواقفه الوسطية، محاولًا التوازن بين متطلبات موقعه الرسمي وولائه للإرث السياسي لعائلته وحزبه.

دوره بعد سقوط الإنقاذ

مع الإطاحة بنظام البشير في ثورة ديسمبر 2019، وجد عبد الرحمن نفسه أمام مشهد سياسي جديد مليء بالتحديات. دعا إلى:

1. الوحدة الوطنية: شدد على ضرورة تجاوز الخلافات بين القوى السياسية المختلفة من أجل بناء السودان كدولة ديمقراطية مدنية.

2. دعم المرحلة الانتقالية: ركّز على أهمية تحقيق أهداف الثورة في الحرية والسلام والعدالة، وسعى إلى الحفاظ على دور حزب الأمة كمحور في المشهد السياسي.

3. التقريب بين الفرقاء: استخدم خبرته وعلاقاته لتشجيع الحوار بين القوى المتباينة، مدافعًا عن حلول سلمية للأزمات الوطنية.

 

أدواره المستقبلية في بناء السودان ووحدته

في ظل المشهد السوداني الحالي، الذي يواجه تحديات معقدة، من صراعات سياسية ونزاعات داخلية إلى أزمات اقتصادية، تُلقى على عبد الرحمن مسؤوليات ضخمة، من بينها:

1. تعزيز الحوار الوطني: يمكنه أن يواصل جهوده لتوحيد القوى السياسية والمجتمعية حول مشروع وطني شامل، يُعلي مصلحة السودان فوق كل الاعتبارات الحزبية أو الشخصية.

2. نشر ثقافة السلام: من خلال موقعه في حزب الأمة وخبرته الطويلة، يستطيع أن يكون أحد القادة الذين يدعمون خطاب المصالحة الوطنية ويعززون الاستقرار في المناطق التي تشهد نزاعات.

3. تمكين الشباب والنساء: في بلد شاب كالسودان، يحتاج المستقبل إلى قادة يدعمون مشاركة الأجيال الصاعدة والنساء في الحياة العامة والسياسية.

4. حماية إرث الأسرة المهديّة: باعتباره أحد رموز عائلة المهدي، عليه أن يواصل تعزيز القيم التي قامت عليها هذه الأسرة: دعم الحرية، الدفاع عن العدالة، والعمل من أجل استقرار السودان ووحدته.

5. الانفتاح على المستقبل: يمكن لعبد الرحمن أن يستفيد من التجارب السابقة ليكون نموذجًا لقائد يجمع بين الحكمة السياسية والرؤية المستقبلية، في وقت يحتاج فيه السودان إلى قيادات قادرة على تجاوز صراعات الماضي.

 

ختامًا

عبد الرحمن الصادق المهدي شخصية سياسية محورية في السودان، تميزت أدواره بمزيج من التحدي والجدل. واليوم، وبينما يتطلع السودانيون إلى مستقبل أفضل، يمتلك عبد الرحمن فرصة فريدة ليكون جزءًا من الحل، خصوصًا إذا ما ركّز على تحقيق تطلعات الشعب في السلام والوحدة والديمقراطية.
المهمة ليست سهلة، لكن التاريخ يمنح أحيانًا فرصًا جديدة للقادة الذين يتعلمون من الماضي ويعملون لبناء مستقبل أفضل. فهل يكون عبد الرحمن أحد هؤلاء القادة؟ الزمن سيجيب.

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى