مقالات الرأي

صدام عبداللطيف يكتب .. رسالة في بريد السيد مدير الشركة السودانية لتوزيع الكهرباء المحدودة

بقلم : صدام عبداللطيف

في الدول التي ما زالت تحتكم لشيء من المنطق تعتبر الاستقالة سلوكا نبيلاً لا نقيصة فيه ولا مذمة. بل هي أرفع درجات الاعتراف بالمسؤولية حين يعجز المرء عن أداء واجبه أو حين يشعر بأنه لم يعد قادرا على الوفاء بأمانة المنصب.
الاستقالة في هذه الحالة هي قمة الشجاعة الأخلاقية ودليل على أن في المرء ضمير يستحي من أن يظل ممسكا بزمام منصب لا يؤدى فيه الواجب، فأن تفسح الطريق لغيرك ممن قد يحملون الكفاءة والهمة خير من أن تبقى عنوانا لعجز مزمن وخلل واضح.
رغم أنني اختلف جذريا مع فكرة خصخصة قطاع الكهرباء وتسليمه للشركات، لأن هذا المرفق الحيوي لا ينبغي أن يسلّم إلا لوزارة الطاقة كجزء من سيادة الدولة وبناها الأساسية إلا أن هذا ليس موضوعنا اليوم وإن كنا سنعود إليه لاحقا بالتفصيل.
حديثنا الآن عن الواقع المزري الذي وصل إليه الحال ففي كل يوم تنطفئ الأنوار وتعم الظلمة وتخنقنا حرارة الصيف اللاهب في مختلف ولايات السودان.
في كل يوم تنقطع الكهرباء عن البيوت والمستشفيات والمخابز وغيرها من المرافق الحيوية نتيجة أعطال فنية مفاجئة أو خروج خط ناقل عن الخدمة أو حريق أو انهيار لمحولات رئيسية في عطبرة أو مروي وكأن الشبكة القومية بنيت من أعواد الثقاب.
وفي كل مرة تخرج شركتكم بنفس البيان المستهلك: نعتذر للمواطنين الكرام عن العطل الخارج عن إرادتنا، ونشكر تفهّمهم!!
كفى فقد سئم المواطنون الكرام _المغلوب على أمرهم _ من الاعتذارات المتكررة التي لا تطفئ ظلمة ولا تخفف حرارة ولا تعالج مريضا ولا تحفظ طعاما من التلف.
سؤال مباشر إلى السيد المدير العام للشركة السودانية لتوزيع الكهرباء: استحلفك بالله هل تنقطع الكهرباء في منزل معاليكم بالساعات كما تنقطع في بيوتنا؟ هل يجلس أطفالك في الظلام يختنقون من الحر ويتقلبون من الضيق؟ هل يتعرق مريضكم في غرفته دون مروحة ولا مكيف؟ هل توقفت ثلاجة بيتكم عن العمل وتلف فيها دواء أحد المرضى؟
هل تؤجل أعمالكم لأن شحن الهاتف والحاسوب لم يكتمل؟ هل تلغى عمليات جراحية بسبب انقطاع التيار؟ هل تقفون في طوابير طويلة لتعبئة مياه الشرب لأن محطات الضخ بلا كهرباء؟
هل تستقطعون من قوت يومكم لشراء لوح ثلج ب40 ألف جنيه؟ هل تنامون على وقع مولدات الجيران وضجيجها المزعج؟
قل لنا بالله عليك: هل هذا وضع يرضي ضميرا؟ وهل هذا أداء يستحق أن تبقى لأجله في منصبك يوما واحدا إضافيا؟
السيد المدير إذا كنتم لا تملكون الإمكانيات ولا الرؤية ولا الجرأة على الاعتراف بالفشل فنحن نملك كلمة أخيرة نقولها لكم بكل وضوح:
“فكها واديها لغيرك”

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى