الدور المنتظر من الأشقاء في مصر تجاه الأزمة السودانية ، متي وكيف ؟

بيت الشورة
عمر الكردفاني
الدور المنتظر من الأشقاء في مصر تجاه الأزمة السودانية ، متي وكيف ؟
ظلت العلاقات السودانية المصرية تراوح مكانها منذ عهد بعيد لأسباب كثيرة أهمها بعض الأمور المتعلقة بتثبيت اركان هذه العلاقة أو الركون إلى العلاقة بين الشعبين والدور السياسي الروتيني دون النظر بالجدية اللازمة لهذه العلاقة ،ذلك أننا في جميع العصور نتركها تسير بصورة بطيئة مرتكزين على التمدد الشعبي إذا صح القول بين الدولتين حتى أن الشعبين ذابا في بعض اجتماعيا وثقافيا دون أن تصبح علاقة الدولتين بالجدية اللازمة واعني هنا تطبيق الاتفاقيات وترسيخ الاسس الثلاثة :الاقتصادية والأمنية والسياسية .
ففي جانب الاقتصاد ظل التبادل التجاري بين البلدين مبنيا على اجتهادات بعض رجال الأعمال بل وصغار المستوردين ولكن لو اتفق البلدين على أن تصبح مصر هي المنفذ التجاري الوحيد للصادر السوداني اي تصبح مصر هي ألوكيل الحصري لمنتجات السودان لرأينا العجب ،لان صادرات السودان التي تجلب العملات الصعبة الآن تصدر عبر مصر ولكن دون فائدة كبيرة للبلدين بل تترك تلك العوائد نهبا لصغار المستثمرين ،مثلا إذا نظرنا إلى صادر اللحوم المجمدة فهذه اللحوم تخرج من السودان ووجهتها مصر إلا أنها لا تفتح الا في أوروبا أو اسيا فلماذا لا تخرج من السودان عبر مصر (ترانسيت) إلى ذات الدول ويكون عائدها نقدا للبلدين بدلا من أن تعود الينا في شكل منتجات غير ذات فائدة ، اما الجانب السياسي فهو متروك دائما للساسة التنكقراط فلماذا لا تتدخل منظمات المجتمع المدني والاتحادات لترسيخ هذه العلاقات السياسية وتقتلها بحثا ليتعرف الجانبان على التجارب التي يمكن الافادة منها في ترسيخ العلاقات السياسية وتعضيد الإخوة وإنشاء مؤسسات ذات بعد بحثي تقوي من العلاقات السياسية وأن لا تتركها لامزجة الساسة بين الجانبين مع احترامي لهم .
حتى الإعلام الذي يخدم قضايا البلدين متروك للاجتهادات الفردية ولم يستفد أي طرف من تجارب الطرف الآخر ولو أننا كاعلاميين سودانيين رضعنا من عصير المكتبات المصرية ونهلنا من معين الأدباء والكتاب المصريين ما قوى من عودنا العلمي والثقافي ولكن المطلوب هو بناء مؤسسات إعلامية وثقافية تنشر انتاج الطرفين وتقارن بين الجانبين من حيث الجذور الثقافية ،والان ليس هنالك الا اجتهادات من بعض الإعلاميين من الجانبين ممن يعملون ليل نهار لتوطيد تلك العلاقة كالاخوة صلاح غريبة وجمال عنقرة وعبد الباقي جبارة وأماني الطويل ومؤسسات كتانا والزرقاء وغيرهم كثر عملوا على إثراء العلاقات الثقافية والإعلامية بالورش والسمنارات وهو مجهود مقدر ولكنه لم يجلب لاولئك الزملاء الا المشاكل .
ثم ماذا بعد؟
حقيقة ودون رياء اصدق واقصر واقوى جملة تصف العلاقات السودانية المصرية هي التي قالها سيادة الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي حين قال واصفا تلك العلاقة:ما لناش غير بعض،والله هي جملة متينة ورقيقة في آن ولا تصدر من سياسي فقط بل هي صادرة من قلب نابض بحب البلدين فلنترجمها إلى واقع ولنعطي بعضنا فرصة أن نقييم هذه العلاقة المتجذرة ،وانا شخصيا لست مع من يدعون أن مصر مقصرة في شأن الأزمة السودانية وذلك لأن مصرا قدمت ما يليها مما لا يعتبر تدخلا في الشأن السوداني من فتح الحدود ومد الجسر الجوي ولكنها لا تستطيع الدخول بين العصا وقشرتها ما لم نقدم لها فرمانا واضحا يبرئ ذمتها أمام العالم ذلك أن جمهورية مصر العربية تعتبر من أقدم الحضارات السياسية فلا يمكن أن تخوض في وحل الحرب السودانية مالم تتأكد من أن طرفا يستحق البقاء وهنا تكمن مسؤولية الساسة والإعلاميين والله اعلم