مقالات الرأي

صدام عبد اللطيف يكتب .. بورتسودان تشعر بشيء غير مطمئن!

كتب : صدام عبد اللطيف

تشهد مدينة بورتسودان موجة واسعة من الحميات التي انتشرت خلال الأسابيع الأخيرة داخل معظم الأحياء، وسط غموض يحيط بالأسباب الحقيقية لهذا الارتفاع اللافت. الناس هنا يتحدثون عن إصابات متتابعة تظهر في البيوت من غير تفسير واضح، وحالات إرهاق، صداع، آلام مفصلية، وارتفاع درجات الحرارة بصورة متكررة، بينما لا يجد المواطن سوى الانتظار لمعرفة ما يجري حوله.
هذا الغموض فتح الباب لقلق كبير في الشارع، حيث تتردد الأسئلة حول طبيعة الحميات، أسباب انتشارها، ومصدرها الأساسي، دون أن تظهر توضيحات رسمية تطمئن السكان أو توضح طبيعة الموقف الصحي بدقة.
وفي الوقت الذي تتزايد فيه الحالات في المدينة تبدو المستشفيات تحت ضغط واضح، إذ تستقبل أعداداً كبيرة من المرضى يومياً، ما يربك حركة الطوارئ ويضع الكوادر الصحية أمام عبء مضاعف. المرضى ينتظرون لساعات، والمرافق تبدو ممتلئة، مما يعكس اتساعاً واضحاً في حجم التأثر المرضي داخل المدينة.
ومع كل هذا، تتجه الأنظار إلى غياب مكافحة نواقل المرض (البعوض والذباب) وغياب حملات الرش التي توقفت منذ فترة طويلة. الأحياء تشهد انتشاراً كثيفاً للبعوض والذباب، والبيئة المحيطة بالمصارف المكشوفة والبرك الراكدة تحولت إلى بؤر واسعة لتكاثر الحشرات، دون وجود أي تحرك ميداني يعيد السيطرة على الوضع. غياب الرش الدوري خلق فجوة كبيرة، وزاد من هواجس الناس حول ارتباط انتشار الحميات بنواقل الأمراض، رغم أنّ الأسباب الدقيقة تبقى غير معلنة حتى الآن.
الصمت الغريب للجهات المسؤولة يزيد المشهد تعقيداً. لا توجد بيانات تفصيلية حول نوع الحميات المنتشرة، ولا تقارير توضح خريطة المناطق الأكثر تأثراً، ولا خطط معلنة لتقدير الموقف وهو ما يجعل المواطنين أمام ضباب كثيف من المعلومات الناقصة ويخلق حالة من التوتر داخل المجتمع الذي يبحث عن إجابات في كل اتجاه.
ومن هنا نتتوجه برسالة حادة إلى وزارة الصحة بأنّ الوضع في بورتسودان يحتاج حضوراً فورياً، وخطة واضحة تعالج الانتشار وتكشف طبيعته، مع تحرك ميداني يعيد الثقة للمواطنين. الاكتفاء بالمتابعة من بعيد لا يوقف الحميات، والمدينة تحتاج فرقاً تعمل على الأرض، وتعيد حملات المكافحة، وتعلن تقييماً رسمياً للوضع حتى يعرف الناس ما يجري حولهم.
كما نتتجه بمناشدة عاجلة إلى حكومة الولاية بوضع ملف الحميات في مقدمة الأولويات، والتحرك سريعاً لمعالجة البيئة، وتجهيز المستشفيات بالمواد التشغيلية، وإطلاق برنامج رش واسع يعيد التوازن للموقف. فالسكان يريدون أن يروا خطوة رسمية جادة توقف هذا القلق المتصاعد، وتضع حداً لانتشار المرض داخل الأحياء. بورتسودان تقف الآن أمام موجة صحية غامضة تتطلب جهداً عاجلاً، ومعلومات واضحة، وحضوراً فعالاً في الميدان، حتى تتراجع دائرة المرض ويستعيد الناس شعورهم بالأمان داخل مدينتهم.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى