مقالات الرأي

الحلقة السابعة – إدارة الملف الأمني والعسكري في حكومة مدنية: من الفوضى إلى سيادة الدولة

الحلقة السابعة – إدارة الملف الأمني والعسكري في حكومة مدنية: من الفوضى إلى سيادة الدولة

الملف الأمني والعسكري هو التحدي الأخطر لأي حكومة مدنية قادمة في السودان. التعامل معه لا يحتمل المجاملة ولا التسويات الرمادية. السودان لا يمكن أن يُبنى في ظل تعدد الجيوش أو تقاسم السيادة. المطلوب: وضوح كامل، فهم عميق للواقع، وقرارات حاسمة.

1. فهم الواقع أولًا

السودان اليوم يعيش في ظل تفكك أمني، ووجود جماعات مسلحة خارج إطار الدولة.
يجب أن تميّز الحكومة القادمة بين:

الجيش السوداني النظامي: المؤسسة الرسمية التي يجب أن تُعاد هيكلتها وتحديثها ضمن رؤية وطنية.

الحركات المسلحة الموقعة على اتفاقيات سلام: يمكن دمجها تدريجيًا وفق التزامات قانونية واضحة.

المليشيات الخارجة عن القانون مثل مليشيا الدعم السريع: لا تفاوض، لا شرعية، ولا مستقبل لها داخل الدولة.

2. فرض هيبة الدولة بلا مساومة

أي كيان مسلح خارج الجيش الرسمي يجب أن يُفكك دون تفاوض.

لا يمكن إقامة حكم مدني في ظل وجود مليشيات تنازع الدولة سيادتها.

يجب إصدار تشريعات تجرّم حمل السلاح خارج القانون، وتمنح مؤسسات الدولة حق فرض هيبتها كاملة.

3. إعادة هيكلة ودمج الحركات المسلحة الملتزمة

فتح مسارات واضحة لدمج الحركات المسلحة التي التزمت بالسلام في المؤسسات النظامية.

عملية الدمج يجب أن تتم بإشراف مدني صارم وبمعايير مهنية، لا سياسية أو جهوية.

كل من يرفض الانخراط في الدولة ومؤسساتها، يجب أن يُعامل كتهديد أمني.

4. بناء أجهزة أمنية موحدة ومهنية

إعادة هيكلة الجيش والشرطة والمخابرات لتكون مؤسسات احترافية، قومية، محايدة سياسيًا.

تدريب الأجهزة الأمنية على العمل في دولة مدنية خاضعة للقانون.

إشراف البرلمان والمحاكم المدنية على الأداء الأمني والمالي لهذه الأجهزة.

5. المجتمع المدني كضامن وراقب

إشراك منظمات المجتمع المدني في مراقبة أداء المؤسسات الأمنية.

دعم المجتمعات المحلية التي تقاوم التسلح وتعزز التعايش السلمي.

نشر ثقافة “المدنية أولًا” ورفض عسكرة الحياة العامة.

الخلاصة:

الحكم المدني لا يمكن أن يبدأ إلا بعد إنهاء المليشيات، لا التفاوض معها.
التمرد لا يُكافأ، والسلاح لا يُشرعن.
من يريد أن يكون جزءًا من السودان الجديد، يجب أن يخضع للقانون، والدولة، والجيش الوطني الواحد.
هذه ليست قسوة، بل ضرورة لبناء دولة حقيقية.

في الحلقة القادمة:
كيف تُبنى الاقتصاد السوداني من جديد؟ الخطوات الأولى للتعافي الاقتصادي في ظل حكومة مدنية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى