الحلقة الخامسة – خارطة طريق للعام الأول: كيف تتحرك الحكومة شهرًا بشهر؟

المرحلة الانتقالية ما فيها رفاهية الوقت ولا مجال للتجريب. السنة الأولى هي الاختبار الحقيقي لأي حكومة مدنية في السودان. إذا نجحت في أول 12 شهر، بتكسب ثقة الداخل، واعتراف الخارج. إذا فشلت، البلد تدخل في دورة انهيار جديدة قد تكون أخطر من أي وقت مضى.

الخطة لازم تكون واضحة، واقعية، محددة بزمن ومهام قابلة للقياس. وده النموذج العملي المقترح:

الربع الأول (الأشهر 1–3): مرحلة تثبيت الدولة

الهدف: وقف النزيف وتأمين أساس للدولة.

وقف إطلاق النار الشامل عبر مفاوضات مباشرة.

تشغيل حكومة طوارئ مصغّرة (6–10 وزارات فقط).

تشكيل لجنة وطنية للسلام والأمن تضم مدنيين وعسكريين.

فتح ممرات إنسانية تحت إشراف مباشر من الحكومة.

عودة الشرطة المدنية بشكل تدريجي للمراكز الرئيسية.

إطلاق حملة إعلامية ضخمة لطمأنة الناس وشرح الخطة.

تجميد الجبايات العشوائية وتوحيد خزينة الدولة

الربع الثاني (الأشهر 4–6): تثبيت الأمن وإعادة الخدمات

الهدف: فرض هيبة الدولة وتأمين الحياة اليومية للمواطن.

إطلاق برنامج إسعافي للصحة والتعليم والمياه.

تشغيل 50% على الأقل من المستشفيات والمراكز الصحية.

تأمين المدارس وبدء خطة عودة التعليم التدريجية.

نشر وحدات شرطة مدربة في المدن الكبرى.

إطلاق حملة لمصادرة السلاح العشوائي وتعويض حامليه.

تحديد مواقع السيطرة الحكومية ونشر بياناتها للناس.

الربع الثالث (الأشهر 7–9): الانتقال من الطوارئ إلى البناء

الهدف: تحويل الإدارة من رد فعل إلى فعل منظم.

إطلاق خطة اقتصادية مؤقتة لخفض التضخم واستقرار العملة.

تأسيس هيئة مستقلة لمكافحة الفساد بصلاحيات واضحة.

بدء تسجيل مدني موحد (بطاقات قومية، إحصاء سكاني).

تشغيل الزراعة والصناعة الصغيرة في الولايات المستقرة.

بداية إصلاح النظام القضائي واختيار وكلاء نيابة مستقلين.

عقد مؤتمرات مصالحة محلية في مناطق النزاع السابقة.

الربع الرابع (الأشهر 10–12): تأسيس الانتقال السياسي الحقيقي

الهدف: وضع الأرضية الدستورية والسياسية للمستقبل.

إطلاق حوار وطني شامل حول شكل الحكم والدستور.

تأسيس مفوضية انتخابات مستقلة.

تكوين لجنة كتابة دستور انتقالي تشاركي.

إصدار قوانين أساسية (العدالة، الأحزاب، الإعلام، الخدمة المدنية).

تجهيز ميزانية انتقالية شفافة للعام الثاني.

رفع تقرير شامل للشعب عما تم وما لم يتم.

الخلاصة:

السنة الأولى لازم تكون سنة الفعل لا الكلام، سنة العمل لا الشعارات، سنة الإنقاذ لا التسويات.
الناس ما دايرة وعود، دايرة نتائج. والخارج ما حيدعمك بالكلام، حيحاسبك بالأرقام.
إذا مشت الأمور وفق خارطة زي دي، السودان يبدأ ينهض من تحت الركام.

الحلقة القادمة:
كيف نعيد بناء مؤسسات الدولة؟ من أين تبدأ؟ وما الذي يجب هدمه قبل أن يُبنى؟